تحليل مؤشر ناسداك: العوامل المؤثرة والتوقعات المستقبلية
لا شك بأن مؤشر ناسداك هو اسم يتردد كثيرًا في عالم الاستثمار، إلا أنه
يُساء فهمه في أغلب الأحيان. وعلى غرار مؤشر S&P 500، لا يُمثل مؤشر ناسداك شيئًا ملموسًا يستطيع الفرد الاستثمار فيه مباشرة، بل هو مؤشر مركب يمنح الفرصة للاستثمار في مجموعة من الأصول الأخرى ضمن الأسواق المالية.
وغالبًا ما يرتبط كل من مؤشري ناسداك ومؤشر S&P 500 بالصحة العامة للاقتصاد الأمريكي، بل وبالاقتصاد العالمي على نطاق أوسع.
وربما تكون هذه هي أسهل طريقة لفهم مؤشر ناسداك، إلا أنه أكثر تعقيدًا قليلًا بالمقارنة مع مؤشر S&P 500 الذي يضم 500 شركة من أكبر الشركات الأمريكية.
إذًا، ما هو مؤشر ناسداك بالضبط؟ دعونا نشرح ذلك تمامًا ضمن مقالنا هذا الذي يتحدث عن تحليل المؤشرات وبالتحديد
مؤشر ناسداك، والعوامل المؤثرة فيه والتوقعات المستقبلية له.
ما هو مؤشر ناسداك ؟
جدول المحتويات
Toggleتتعدد جوانب مؤشر ناسداك، ويمكن أن يشير المصطلح إلى شيئين مختلفين. أولًا، يمكن القول أن ناسداك هو
سوق تداول إلكتروني رائد، وهو الابتكار الأول لنظام البورصة الإلكترونية الذي يسمح للمستثمرين بشراء وبيع
الأسهم بطريقة إلكترونية وسريعة وشفافة، دون الحاجة إلى قاعة تداول فعلية.
ثانيًا، هناك المؤشر نفسه. وهو ما ينظر إليه الناس عندما يقررون الاستثمار. وبالتالي فهو مؤشر يمكن أن يرتفع أو ينخفض. ولكن عليك الانتباه إلى نقطة مهمة للغاية، فعند الاستثمار في مؤشر ناسداك، أنت تستثمر بشكل أساسي في الشركات المدرجة للتداول على هذا السوق.
وتتركز غالبية هذه الشركات في مجالات التكنولوجيا والإنترنت، إلا أنها تشمل أيضًا شركات مالية واستهلاكية وتكنولوجيا حيوية وصناعية. ويتتبع مؤشر ناسداك المركب (NASDAQ Composite) أكثر من 3300 سهم. بيد أن مؤشر ناسداك 100 يتتبع أكبر 100 شركة غير مالية مدرجة في سوق ناسداك، وهو يضم أسهمًا لشركات مثل مايكروسوفت وألفابت وفيسبوك وإنتل. وغالبًا ما يتفوق أداء هذا المؤشر على مؤشرات أخرى شهيرة. ويرجع جزء من السبب في ذلك إلى أن أداء مؤشر ناسداك 100 يعتمد بشكل رئيسي على أداء الشركات المكونة له.
كما أن تحركات بعض الشركات تميل إلى التأثير عليه بشكل أكبر من غيرها. على سبيل المثال، تتمتع شركات
مثل مايكروسوفت وأبل وأمازون بأوزان تزيد عن 10% لكل منها، بينما تتمتع 70 شركة أخرى بأوزان أقل من 1%.
وعلى العكس من مؤشر S&P 500 الذي لا يأخذ بعين الاعتبار القطاعات المختلفة ويركز بدلاً من ذلك على حجم وقيمة الشركة، يرتبط مؤشر
ناسداك بالأسهم المتداولة على سوقه. وهو غالبًا ساحة مثالية للمتداولين المهتمين بالقطاع التكنولوجي للمتابعة والاستثمار.
العوامل الرئيسية المؤثرة على مؤشر ناسداك في عام 2024 وما بعده
في الواقع، يحتاج أي توقع لسعر مؤشر ناسداك إلى دراسة الأداء السابق للمؤشر والعوامل الرئيسية التي تحرك السوق بشكل عام.
ولذلك من الضروري فهم نقطتين أساسيتين قبل استثمار الأموال في سوق الأسهم: المحركات التاريخية للسوق وكيفية عمل هذه الأدوات المالية المعقدة.
بما أن مؤشر ناسداك هو مؤشر يضم شركات تقنية محددة، فمن الطبيعي أن ترتبط تحركاته بشكل وثيق بالوضع
الاقتصادي والصحة العامة للأسواق. وبالتالي يمكن للأحداث الجيوسياسية الكبرى أن تؤثر بشكل كبير على ناسداك.
فعندما تحدث تطورات إيجابية خاصة بالنسبة للولايات المتحدة، يرتفع المؤشر عادة. أما في حال وجود تأثيرات سلبية، يمكن أن يتجه المؤشر نحو الانخفاض.
ومن بين العوامل الأخرى المؤثرة بقوة على ناسداك السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
وجميعنا نعلم كيف يلعب البنك المركزي للولايات المتحدة دورًا نشطًا للغاية، كان ذلك جليًا على مدار
السنوات الـ 14 الماضية. حتى عام 2022، اتبع الاحتياطي الفيدرالي سياسة نقدية توسعية للغاية، حيث حافظ على انخفاض أسعار الفائدة.
ونظرًا لأن سوق ناسداك للأسهم يضم مجموعة شركات تكنولوجية، فإن السياسة النقدية التوسعية من قبل البنوك المركزية تميل إلى دعم أي توقعات إيجابية لمؤشر ناسداك. ويعود ذلك إلى أن هذه السياسة النقدية التوسعية تسهل على شركات رأس المال المخاطر استثمار الأموال في الشركات الناشئة الواعدة، وكذلك شركات النمو التي تشكل جزءًا كبيرًا من المؤشر.
ولكن في عام 2023، بسبب ارتفاع التضخم، نفذ الاحتياطي الفيدرالي سلسلة من 11 رفعًا لسعر الفائدة.
ومع اتباع سياسة نقدية صارمة للغاية، دفع الاحتياطي الفيدرالي المستثمرين إلى الابتعاد عن المخاطر.
ومنذ ذلك الحين، ترسخ طبعًا الاتجاه الهبوطي مع توقع وجود مشاكل جدية في الاقتصاد العالمي.
بعد ذلك، شهدت الأشهر الأخيرة من عام 2023 ترددًا في العودة إلى سوق الأسهم. كما لوحظ المزيد من التقلبات
الجيوسياسية، مما صعّب على المتداولين اتخاذ قرارات واضحة بسبب سيطرة المخاوف.
بالإضافة إلى ذلك، يساهم نضج شركات التكنولوجيا في دعم المؤشر، حيث أصبح وزن شركة Apple، التي لم تكن من بين أكبر 20 شركة من حيث القيمة السوقية في المؤشر قبل 15 عامًا، يمثل الآن أكثر من 10% من قوته. وتوجد العديد من أكبر شركات التكنولوجيا في العالم ضمن مؤشر ناسداك، وهي تسحب زمام القيادة من شركات أخرى كبرى من حيث الأداء.
نظرة تاريخية على مؤشر ناسداك
يتميز مؤشر ناسداك بتاريخ عريق، فهو مؤشر قائم على الابتكارات التكنولوجية. وعند انطلاق مؤشر ناسداك شهد
ارتفاعًا سريعًا في البداية حيث وصل إلى 816 نقطة قبل أن يهبط إلى أقل من 300 نقطة في عام 1974.
ولكن منذ ذلك الانخفاض الكبير، حافظ مؤشر ناسداك على مسار صعودي حتى عام 2000. وتعزز هذا الاتجاه بقوة خلال فترة
ازدهار شركات الإنترنت ولكن عانى أيضًا من انهيار تلك الشركات.
في ذروة عام 2000، تجاوز مؤشر ناسداك 7000 نقطة، لكنه انخفض إلى 1660 نقطة بعد عامين قبل أن يتعافى ثم ينخفض مرة أخرى إلى مستوى مشابه في عام 2009.
اليوم، يشمل مؤشر ناسداك أكثر من 3200 شركة ويفخر بأعلى حجم تداول في السوق الأمريكية. تتجاوز القيمة السوقية للشركات المدرجة على ناسداك 10 تريليون دولار أمريكي.
وحقق مؤشر ناسداك 100 أعلى مستوى تاريخي له على الإطلاق في عام 2021 حيث تجاوز 15600 نقطة.
وشهد عام 2023 العديد من التحديات بالنسبة لمؤشر ناسداك، وكان التقلب هو السمة المشتركة الوحيدة تقريبًا.
ومع تعثر الاقتصاد العالمي، لجأت البنوك المركزية إلى رفع أسعار الفائدة بشكل ثابت، مما أثر سلبًا على مؤشر ناسداك المركب.
توقعات مؤشر ناسداك لعام 2025 وما بعدهُ
لا شك بأن توقعات سعر ناسداك المستقبلية لعام 2025 ستكون مجرد تخمينات إلى حد ما، وذلك بسبب وجود العديد من الاحتمالات غير المؤكدة. يشمل ذلك التغييرات في الأسواق الرئيسة والصراعات العديدة حول العالم، والتي تعطل كل شيء بدءًا من سلاسل التوريد وصولاً إلى الحصول على المواد الخام.
وغني عن القول أن النتائج المستقبلية قد تعكس إلى حد كبير ما حدث في الماضي، والنظرة العامة للسوق هي الارتفاع على المدى الطويل، لذلك بحلول عام 2025، نأمل أن تكون الكثير من المخاوف المحلية والعالمية قد تلاشت.
هذا لا يعني بالضرورة أن الطريق إلى الارتفاع سيكون سهلاً. ولكن بحلول عام 2025، ربما يكون السوق قد تجاوز أعلى مستوى تاريخي له مؤخرًا، مما يجعل مؤشر ناسداك أقرب إلى مستوى 20.000 نقطة.
أما بالنسبة لتوقعات سعر ناسداك لعام 2030، فإنه للأسف لا يوجد الكثير من المحللين على استعداد للإعلان عن ذلك حتى الآن.
لكن البعض يتوقع تحركًا يصل إلى منطقة 25000 نقطة. هل ستعتقد أنه سيصل إلى هذا الرقم في المستقبل؟